قناة الأولى - بغداد
تضغط حالة التأييد الشعبي الواسعة في العراق لمقاطعة السلع الإسرائيلية والدول الداعمة لها، على الأجهزة الرقابية في الدولة، التي باتت في حالة استنفار لمراقبة الأسواق، بعدما كشف نشطاء عن تسلل بضائع إسرائيلية بالفعل إلى الأسواق خلال الفترات الماضية، على الرغم من الروايات الرسمية التي تنفي دخولها إلى البلاد بفعل القوانين التي تجرّم التعامل معها.
وعمدت السلطات الأمنية العراقية إلى متابعة الأسواق المحلية وما تحتويه من بضائع دخلت، ما وصفه برلمانيون ومسؤولون بـ"التهريب". وخلال الأسابيع الماضية، كشف ناشطون عراقيون عن وجود بضائع مختلفة، إسرائيلية الصنع، من بينها مواد إلكترونية وحليب أطفال وألعاب أطفال وفلاتر مكيفات هواء ومواد تجميل ومشروبات غازية وأقلام حبر، فيما دعوا إلى مقاطعتها وسحبها من الأسواق وإتلافها، وتشديد الرقابة على المنافذ الحدودية منعاً من تداولها في الأسواق.
وسبق أن أكد رئيس الحكومة العراقية الأسبق عادل عبد المهدي، أن "السلطات لديها إجراءات كاملة لمنع تداول البضائع القادمة من دولة الاحتلال الإسرائيلي"، مبينا أن "تسرب تلك البضائع موجود منذ وقت طويل، والعراق لديه كافة الإجراءات اللازمة لمواجهة ذلك، وأن موقفنا من التعامل مع الاحتلال الإسرائيلي ما زال ثابتا ولم يتغير".
وبحسب القانون العراقي النافذ، يُمنع استيراد أي من البضائع الإسرائيلية، ويقضي القانون بمصادرتها، وإحالة المتورط في إدخالها للقضاء الذي تصل أحكام العقوبة فيه للحبس مدة تصل إلى 15 عاماً. وبحسب قانون "حظر التطبيع وإقامة العلاقات مع الكيان الصهيوني"، يحظر العراق التعامل مع الشركات والمؤسسات التي تتعامل مع الكيان الصهيوني أو تعتبر داعمة له أو ترتبط به.
وقال عضو البرلمان العراقي عن تحالف "الإطار التنسيقي" الحاكم في البلاد، محمد الصيهود، إن "العراقيين اختاروا مقاطعة البضائع التي تصل إلينا عبر التهريب من بعض البلدان المجاورة، ومن خلال تجار يهتمون للمال أكثر من أي شيء آخر"، مؤكداً لـ"العربي الجديد"، أن "خيار المقاطعة أطلقته شخصيات مؤثرة في العراق والعالم، وبالفعل فإن هناك تقدماً في هذا الأمر".
وأضاف الصيهود، أن "البضائع الإسرائيلية ليست مهمة بالنسبة للعراق، وأنها هامشية أصلاً، ويمكن الاستغناء عنها ببضائع محلية أو مستوردة من دول أخرى"، موضحاً أن "بعض مواد التجميل إسرائيلية الصنع تكدست في المحال التجارية من جراء المقاطعة، كما أن بعض المواد الغذائية غير الضرورية لن تؤثر في وضع السوق العراقية".
من جهته، أشار الناشط السياسي وعضو حركة "وعي" المدنية، هاتف سهيل، إلى أن "الفرصة دائماً متاحة لأن يعتمد العراق على نفسه من ناحية تغطية المنتجات الأجنبية، سواءً الإسرائيلية أو الأميركية والإماراتية، ولعل الحرب على غزة الآن يمكنها أن تدفع إلى ذلك، إذا ما توفرت الإرادة السياسية".
وأكمل سهيل حديثه مع "العربي الجديد"، أن "البضائع الإسرائيلية التي تتسرب إلى العراق، لا تمثل سوى نحو 1% من مجموع الاستيراد العراقي، لكن السوق مليء بالبضائع الخليجية والأميركية والأوروبية، ومن الصعب جداً أن يتمكن العراق في الوقت الحالي أو على المستوى القريب أن يغير اتجاهه من عدم التعامل التجاري مع هذه الدول والأطراف إلى الاعتماد على المنتج المحلي"، مؤكداً أن "المقاطعة الشعبية في العراق للمنتجات الإسرائيلية نهائية وستزداد مع مرور الوقت".
بدوره، قال الخبير الاقتصادي عبد الرحمن الجبوري، إن "البضائع الإسرائيلية ليست مهمة ولا تؤثر في السوق، وأن الامتناع عنها ومقاطعتها لن يؤثر على الوضع الاقتصادي ووضعية العرض والطلب في البلاد"، معتبرا في حديث مع "العربي الجديد"، أن "دولة الاحتلال الإسرائيلي، حاولت منذ عام 2003 فتح منافذ تجارية مع العراق، إلا أنها فشلت لأسباب كثيرة، من بينها الرفض الشعبي لشرائها، أما بالنسبة لمقاطعة بضائع الدول المساندة للاحتلال الإسرائيلي فإن في هذه الخطوة مجازفة اقتصادية".
وصوّت البرلمان العراقي، في مايو/أيار 2022، على قانون "تجريم التطبيع وإقامة العلاقات مع الكيان الصهيوني" بالإجماع، في أول قانون من نوعه يجرى تشريعه، بعدما اعتمد خلال العقود السابقة على فقرات دستورية تنص على أن العراق في حالة حرب مفتوحة مع الاحتلال الإسرائيلي، وفرض عقوبات تصل إلى الإعدام والسجن المؤبد بحق المتعاونين أو المتعاملين معه.